Monday 6 February 2012

الحقيقة التي ليس لها من اسمها نصيب

 وصلني اليوم من أحد الأصدقاء سؤال عبر تويتر، نصه: أخ عزام هل صحيح ما نشرته "الحقيقة" عن مقابلة (لم تبث) أجرتها الحوار مع الشيخ راشد الغنوشي يقر فيها بتسلمه مبلغا كبيرا من قطر؟
أجبت صديقي: ولماذا لا ننشرها لو أجريناها معه؟ وأتمنى فعلاً أن يكون خبر تلقي الشيخ راشد دعماً من قطر صحيحاً، فدعم تونس الآن واجب.
عاد وسألني: هل اطلعت على الخبر "وكان الغنوشي اعترف في تسجيل مرئي لم يبث ، اطلعت عليه "الحقيقة" في مكاتب قناة "الحوار" الإسلامية في لندن".
رددت على صديقي: لم أطلع على الخبر، وأستغرب أن هذه الحقيقة اطلعت على التسجيل المرئي الذي لم أسمع به وأنا رئيس التحرير في القناة.
بحثت في النيت عن الخبر فوجدته منقولاً في بعض المواقع المناهضة لحركة النهضة وعدد من المواقع الكارهة للإسلاميين بشكل عام، وكل هذه المواقع تنسب القول لشيء اسمه الحقيقة، ولم أتمكن حتى لحظة كتابة هذا النص من إيجاد مصدر الخبر الأصلي، ولم أعثر على موقع "الحقيقة" الذي افترضت أن يكون الخبر منقولاً عنه.  
الخبر الخاص بالشيخ راشد الغنوشي عار عن الصحة، ولم يحصل بتاتاً أن أجرينا معه مقابلة ولم نبثها، ولم يحصل إطلاقاً أن صرح الشيخ راشد بمثل هذا الكلام الذي يقصد منه المفترون الإساءة إلى الشيخ وترسيخ فكرة أن دولة قطر تدير مؤامرة كبرى ضد الأمة العربية بالتعاون مع الصهاينة. هذا مع قناعتي بأن تلقي أموال من حكومات عربية أو إسلامية متعاطفة تمكن النظام الجديد في تونس من إعادة ترتيب أوضاع البلاد بعد تخلصها من نظام بن علي لا شيء فيه على الإطلاق، بل هو حق للمتلقي وواجب يشكر عليه المتبرع. ليس لدي أدنى شك بأن الذين يروجون لفكرة أن دولة قطر جزء من مؤامرة كبرى إنما يفعلون ذلك إما جهلاً وعجزاً عن تفسير الأحداث أو مكراً ولؤماً لأنهم ساءهم التحولات التي تجري في المنطقة العربية والتي تطيح بأنظمة الطغاة والمجرمين الواحد تلو الآخر، تلك الأحداث التي تميزت قطر عن غيرها بلعب دور إيجابي فيها منسجم مع تطلعات وآمال الشعوب المقهورة في عالمنا العربي. 
من الملفت أن هذا الخبر روج له المغرضون ضمن هجوم بشع على الشيخ راشد الغنوشي بعد زيارته للولايات المتحدة الأمريكية بحجج مختلفة. لاشك أن من حق كل مراقب أن ينقد الشيخ راشد وإخوانه في تونس إذا اعتبرهم غير موفقين في رأي أو فعل أو اجتهاد ما، فهم ليسوا معصومين، لكن الذي لا ينبغي السكوت عنه، ناهيك عن التورط فيه، هو شن الحملات المحمومة للنيل من هذا الرجل المناضل ومن إخوانه في حركة النهضة وللتشكيك في عروبتهم وإسلامهم. ينبغي التنبه لمثل هذا المكر وتجنب الوقوع في حبائل آصحابه. 

تذكرت وأنا أبحث في النيت عن الموضوع المذكور أعلاه تقريراً مفترى كان أرسله لي صديق آخر قبل أسابيع، نقلاً عن "الحقيقة" أيضاً - ولا أدري إن كانت نفس الحقيقة أم غيرها - مفاده أن الحقيقة حصلت على معلومات من مصادرها بأن عزام التميمي أسس قناة سوريا الشعب بالتعاون مع المخابرات الأردنية، مع العلم أن المخابرات الأردنية كانت خلال الأسابيع الأولى لتأسيس القناة تمنع بعض الشخصيات السورية الإخوانية البارزة المقيمة في الأردن من المشاركة في برامج القناة بل وتهدد بطردهم إن شاركوا. 
المحزن في الموضوع أن كلمة "الحقيقة" تدنس بشكل بشع من قبل من لا ضمير لهم ولا مروءة ولا دين بهدف الترويج لأكاذيب وافتراءات، لو جاء نشرها من خلال موقع يتسمى بأي شيء آخر سوى الحقيقة لكانت المصيبة أخف. لا يخفى على ذي لب أن الكاذبين الملفقين إنما اختاروا اسم الحقيقة ظناً منهم أنه سيسهم في إقناع المتلقين بصدقية ما يفترون. 
ولذلك فإنني أحث مستخدمي التويتر والفيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنيت أن يمحصوا قبل أن ينقلوا وأن يتحروا قبل أن ينسبوا، فكل غث وسمين يمكن بثه عبر الإنترنيت فينتشر بين الناس كانتشار النار في الهشيم، وأصحاب الأهواء لا يبالون بالكذب والافتراء لخدمة أهوائهم، فلا تقوى تردعهم ولا مروءة تمنعهم. 


1 comment:

  1. الحقيقة هذه الأيام فقط رب العالمين يعلمها كمية الكذب والتلفيق والتزييف والفبركة فاقت قدرات أبليس وهذه هي شياطين الانس

    ReplyDelete