Friday, 20 April 2012

انطباعات عن مقابلة الدكتور موسى مع صحيفة The Forward اليهودية الأمريكية الأسبوعية:



١) هذه أول مقابلة يعطيها مسؤول رفيع المستوى في حركة حماس لصحيفة يهودية واسعة الانتشار، وكأنه بذلك يقصد مخاطبة يهود أمريكا الذين تعتمد عليهم إسرائيل اعتماداً أساسياً في ضمان موقف مؤيد بشكل شبه مطلق من الساسة الأمريكان للكيان الصهيوني. وهي خطوة جريئة، ومحمودة، إذ أن حماس كانت مقصرة في إيصال وجهة نظرها للرأي العام المخاصم لها. فجزء من هذا الرأي العام يمكن التأثير عليه لو تمكنا من الوصول إليه، وعلينا أن نسعى. 

٢) تعليقات الصحافة الإسرائيلية على المقابلة تركز على أن الدكتور موسى بدا أكثر تشدداً تجاه إسرائيل من خالد مشعل. إلا أن الصحفي الذي أجرى المقابلة واسمه Larry Cohler-Esses يقول إن الانطباع الذي تشكل عن تصريحات خالد مشعل بشأن الانتقال إلى المقاومة الشعبية السلمية كان انطباعاً خاطئاً ساهم فيه مراسل مجلة تايم الأمريكية Karl Vick الذي اجتزأ تصريحاً لخالد مشعل حول "المقاومة الشعبية السلمية" وذلك في مقال نشر لهذا المراسل يوم ٦ فبراير ٢٠١٢عن لقاء القاهرة الذي عقد في نوفمبر ٢٠١١ بين فتح وحماس. والذي حصل أن مراسل تايم حذف من تصريح مشعل عبارة تؤكد تمسك حماس بحقها في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المتاحة بما في ذلك المقاومة المسلحة. 

٣) في هذه المقابلة يؤكد موسى أبو مرزوق أن حماس لا تعترف بإسرائيل ولذلك فإن أي اتفاقية تبرمها السلطة مع إسرائيل ستحولها حماس في حالة ما لو أصبحت هي الحكومة في الضفة والقطاع إلى هدنة، ويذكر أن موسى أبو مرزوق كان من أول المنظرين للهدنة عام ١٩٩٤. ومن الجيد أن تعود قضية الهدنة إلى السطح في خطاب حركة حماس لأنها الحد الأدنى المقبول في أي كلام عن العلاقة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني. والهدنة هي المعادلة التي يمكن بموجبها الحديث عن تسوية لا تتضمن الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني على أي جزء من فلسطين. 

٤) يؤكد موسى أبو مرزوق على أن الموقف الرسمي لحركة حماس هو عدم استهداف المدنيين، ويرى أن من يعبر عن موقف غير هذا داخل حماس فهو يعبر عن موقف شخصي. ولاشك أن هذه القضية غير واضحة في خطاب حركة حماس الموجه للرأي العام العالمي رغم أن التصريح بذلك منسوب إلى أكثر من قيادي في الحركة. 

٥) فيما يتعلق بالميثاق، يقول الدكتور موسى إن كثيراً من سياسات الحركة اليوم يعارضها الميثاق، ولذلك لا ينبغي الحكم على حماس من خلال الميثاق. ويؤكد بأن كثيرين داخل الحركة يطالبون بإعادة كتابة الميثاق. وأنا موقفي الشخصي أن الميثاق لم يفد حماس بشيء يذكر بل أضر بها كثيراً منذ صدر وكان ينبغي أن يستجمع قادة حماس الشجاعة لإعادة كتابته وتنقيته مما شابه من أخطاء سياسية وتاريخية ومنهجية. 

٦) يؤكد الدكتور موسى بأن الخصومة ليست مع اليهود كأتباع ديانة أو كقوم، وإنما مع الذين اعتدوا علينا وشردونا من ديارنا. وهذه قضية تحدث فيها قياديو حماس مراراً وتكراراً، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، إلا أن ما ورد في الميثاق من كلام عن اليهود دون تمييز ومن استدلال ببروتوكولات حكماء صهيون كان ينتقص من صدقية التصريحات الصادرة عن حركة حماس بهذا الشأن. 

٧) الصحفي الذي أجرى المقابلة لم ينشرها في صيغة س/ج وإنما في صيغة تقرير تضمنه بعض من السيرة الذاتية للدكتور موسى واستدلالات بآراء عدد من الخبراء وكذلك عدد من الإسرائيليين بشأن ما ورد في المقابلة من مواقف وتصريحات للدكتور موسى

٨) هذه الصحيفة هي أهم صحيفة يهودية أسبوعية في أمريكا وكانت قد صدرت لأول مرة بلغة الييديش (اللغة التي يتكلمها يهود أوروبا الشرقية) عام ١٨٩٧ وكان توجهها يسارياً وهدفها الدفاع عن العمال والاتحادات النقابية. 

Wednesday, 11 April 2012

ما بعد إعلان الدوحة بين حماس وعباس



توسط القطريون مشكورين بين فتح وحماس بهدف تسريع إجراءات المصالحة. وقد تمخضت هذه الوساطة عن إعلان الدوحة، الذي وافق بموجبه الأخ خالد مشعل على أن يشكل محمود عباس حكومة انتقالية تمهد للانتخابات. إلا أن هذا الاتفاق قوبل من أوساط حركة حماس في غزة والضفة وفي المهجر بامتعاض واستياء شديدين، وعبر عدد غير قليل من رموز الحركة ونشطائها عن رفضهم له، مما ولد أزمة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحركة منذ نشأتها، كان من الممكن أن تكون لها تداعيات خطيرة لولا مسارعة القادة إلى لملمة الموضوع وإيقاف الجدل حوله في وسائل الإعلام وفي المنتديات العامة، رغم استمراره في داخل أوساط الحركة في الداخل والخارج. 

لعل أكثر ما أزعج أوساط حماس في هذا الاتفاق أنه جاء مفاجئاً لهم، ولم يسبقه، كما جرت العادة، مشاورات بين الإخوة في المواقع القيادية. بل اجتهد فيه الأخ خالد مشعل ما ظن أنه من صلاحياته كرئيس للمكتب السياسي في ظرف قدر فيه أن مثل هذا الإجراء يخدم الصالح العام. كما أزعجهم أنه يأتي في وقت ما كان ينبغي من وجهة نظرهم أن تبادر حماس إلى إنتشال محمود عباس في زمن الربيع العربي من مأزقه الناجم عن فقدانه بعض أهم حلفائه إثر تساقط رموز عهود الظلم والاستبداد والعمالة في تونس ومصر. يرى المعارضون لإعلان الدوحة داخل حماس بأن الاتفاق بين مشعل وعباس يكرس عباس زعيماً للفلسطينيين وهو لا يستحق ذلك، ويجمع له كافة الصلاحيات والرئاسات محولاً إياه إلى حاكم مطلق، بينما لا تحصل حماس على أي ضمانة بتخفيف الحصار عنها سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. 

إلا أنه حفاظاً على وحدة الحركة، وللحيلولة دون أن يتحول الخلاف حول هذا الموضوع إلى شقاق وانشقاق، فقد آثر الإخوة في حماس الخروج على الرأي العام بتوافق على إقرار ما اجتهده الأخ خالد مشعل، آملين أن يتمكنوا من تحسين مواصفات الاتفاق بينه وبين محمود عباس. ولعل هذا ما جعل عباس ومن حوله من بطانة يوجهون أصابع الاتهام إلى حماس بأنها استنكفت وتراجعت عما تعهد به رئيسها. 

في المقابل، هناك شعور داخل حماس بأن عباس غير جاد، وبأنه إنما يستغل ظروف حماس لتحسين ظروفه  الدولية والإقليمية، وبشكل خاص لإقناع الإسرائيليين وحلفائهم بأنه يحقق نجاحاً في احتواء حماس لصالح عملية السلام. 

كما يرى عدد غير قليل من منتسبي حماس في غزة والضفة الغربية وفي الخارج بأنه يستحيل إحسان الظن بالسلطة وبرئيسها قبل انفراج الأوضاع في الضفة الغربية وتخفيف الحصار عن قطاع غزة. ولدى قادة حماس في غزة قناعة راسخة بأن الحصار على غزة إنما يشدده المصريون بطلب من عباس، بحجة أن جماعة غزة متطرفون وبأنه لابد من الضغط عليهم ليقبلوا بما قبل به خالد مشعل. ولعل مما عزز هذه القناعة تسرب معلومات بأن عباس في لقاءاته مع بعض المسؤولين العرب والأجانب بات يتحدث عن تيارين في حماس، تيار معتدل بقيادة مشعل ينبغي أن يعزز ويساعد، وتيار متطرف بقيادة جماعة غزة ينبغي أن يشدد عليه الحصار حتى يستجيب ويعتدل.  

ومع ذلك، فإن قادة حماس في الداخل والخارج، وحرصاً منهم على ألا يكونوا هم العائق أمام مصالحة فلسطينية تعود بالنفع على الفلسطينيين عامة وتدفع بقضيتهم إلى الأمام، لم يفتآوا يعلنون التزامهم بالتوجه نحو المصالحة، إلا أنهم يرون أنها يستحيل أن تتحقق المصالحة على أرض الواقع ما لم تقدم السلطة في رام الله على اتخاذ خطوت محددة لإبداء حسن النية تجاه حماس. ومما تسمعه من قادة حماس في اللقاءات الخاصة مجموعة من المطالب، لا تغادر بمجملها الخطوات التالية:

١) إطلاق سراح معتقلي حماس عند سلطة رام الله، وهم الذين لم يعتقلوا إلا لانتمائهم الحركي، فهم معتقلون سياسيون. 

٢) وقف الاستدعاءات، وهي إجراءات معيقة ومزعجة، تنال من قدرة المستدعى للتحقيق على إنجاز أي عمل سواء كان طالب دراسة أو موظفاً أو تاجراً أو  يشغل غير ذلك من المهن. والاستدعاء يقصد منه التعطيل، لأن المستدعى يطلب منه الانتظار في مركز الاستدعاء طيلة النهار، لا يدري ما الذي سيحصل معه، ثم في نهاية اليوم يصرف، ويقال له لا حاجة لنا بك اليوم، وقد يتكرر استدعاؤه مرات ومرات للضغط عليه وإلجائه إلى القيام بعمل ما أو التوقف عن نشاط ما. وقد يتكبد بسبب الاستدعاء في يومه ذاك خسارة كبيرة، كأن يفوته اختبار، أو انعقاد جلسة في محكمة، أو موعد في عيادة، أو غير ذلك من الالتزامات. 

٣) رفع اليد عن مؤسسات المجتمع المدني التي يقوم عليها أشخاص منتسبون لحماس أو متعاطفون معها. فقد سلكت سلطة رام الله استراتيجية تجفيف الينابيع التي كان ينهجها نظام بن علي في تونس من خلال تعطيل عمل عدد كبير من مؤسسات الخدمة الاجتماعية والثقافية، وكذا الجمعيات النسوية، والمراكز الدعوية. 

٤) التوقف عن فصل الناس من العمل في المؤسسات الرسمية بسبب انتسابهم الحركي أو انتمائهم الفكري. وقد ذهب ضحية هذه السياسة المئات من المتعاطفين مع حماس أو المنتسبين إليها. 

٥) التراجع والتوقف تماماً عن سياسة المسح الأمني، التي تعني مطالبة كل صاحب مصلحة بأن يحصل على شهادة حسن سلوك من الأجهزة الأمنية وإلا فإن مصلحته تعطل، مثل السفر أو التوظيف أو الدراسة. والأجهزة الأمنية تمتنع في العادة عن منح مثل هذه الشهادة لكل من يشك في دعمه أو تعاطفه أو انتسابه لحركة حماس. 

٦) التوقف عن مطالبة السلطة في مصر بتضييق الخناق على قطاع غزة، فأزمة الوقود الأخيرة كان لعباس وسلطة رام الله دور أساسي فيها بهدف الضغط على حكومة حماس لإبداء مرونة وإعطاء تنازلات. 

٧) التوقف عن التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، إذ كيف يعقل أن تكون مصالحة وتفاهم، بينما أجهزة السلطة الأمنية في رام الله تمد الإسرائيليين بالمعلومات أولاً بأول وتساعدهم في ملاحقة النشطاء واعتقالهم. بل إن التنسيق الأمني يصل في كثير من الأوقات إلى تبادل الأدوار مع الإسرائيليين في التضيق على نشطاء وأنصار حماس في الضفة الغربية. 

Thursday, 5 April 2012

الحملة العالمية لنصرة الشعب السوري



خلاصة ما قلته اليوم في كلمتي في المؤتمر الصحفي حول انطلاقة الحملة العالمية لنصرة الشعب السوري، وكانت نزولاً عند رغبة المنظمين للمؤتمر باللغة الإنجليزية:

تأتي هذه الحملة بهدف توعية الرأي العام العالمي ليس فقط بما يجري يومياً من بطش داخل سوريا وإنما أيضاً بجذور هذا الصراع الذي تدور رحاه في أرجاء الوطن السوري. وذلك أن آلة جبارة من الإعلام المعادي للشعب السوري وثورته، تدعمها الدول الحليفة لنظام بشار وعلى رأسها إيران وروسيا، تسعى إلى تصوير ما يجري على أنه مؤامرة خارجية على نظام وطني ثوري، بينما الحقيقة هي أن الأحداث بدأت حينما رد النظام ببطش لا مثيل له على مطالبات سلمية وعفوية وطبيعية باحترام حق الإنسان السوري في العيش بكرامة. فكما أن أهل تونس كان من حقهم أن يثوروا من أجل كرامتهم وحريتهم، وكذا أهل مصر واليمن وليبيا، فإن من حق الشعب السوري أن يثور في وجه الظلم والطغيان

وأنهيت مداخلتي بالإشارة إلى أن الحملات العالمية المؤيدة لقضايا العدل والحرية تساهم في تغيير المواقف، وتشكل عوامل ضغط على صناع القرار الذين لهم في العادة حساباتهم الخاصة ضمن معادلة المكاسب والمخاسر. فمع يقيني بأن دوائر صنع القرار في العالم الغربي متعاطفة مع الشعب في سوريا إلا أن شللاً يطغى على مستوى المبادرة. ولعل الحملة العالمية تسهم في الضغط باتجاه قرارات دولية جريئة ترجح الكفة لصالح الشعب السوري