Sunday, 7 September 2014

نتائج حرب ٢٠١٤ على #غزة في لقاء صحفي


س. كيف تنظر إلى غزة بعد إنتهاء العدوان؟

عزام التميمي: شن الإسرائيليون على غزة ثلاثة حروب خلال السنوات الست الماضية. كان بين حرب ٢٠٠٨/٢٠٠٩ والحرب التي تلتها عام ٢٠١٢ ما يقرب من أربعة أعوام، وكان بين حرب ٢٠١٢ والحرب التي تلتها عام ٢٠١٤ أقل من عامين. إذن، لا يستبعد أن تصبح المسافة الزمنية بين الحرب الأخيرة والحرب التي ستليها أقصر، وخاصة طالما لم يغير الإسرائيلون أسلوب تفكيرهم وتعاملهم مع الفلسطينيين سواء في القطاع أو في الضفة الغربية، وطالما أن الأطراف العربية التي ساندتهم في الحرب الأخيرة سواء صراحة أو من وراء ستار ستظل على مواقفها. يمكن أن يكون تقلص المدة الزمنية بين كل حرب والتي تليها مؤشراً على اقترابنا من الحسم النهائي الذي سينهي هذا الجيب الاستعماري الغربي في قلب أمتنا، وذلك بالرغم من استمرار اختلال ميزان القوة لصالح الصهانية في المدى المنظور.

س. هل فشلت إسرائيل في عدوانها على غزة؟

عزام التميمي: يقاس الفشل والنجاح بما كان أعلن عنه من أهداف. فإذا كانت الأهداف الأساسية المعلنة للصهاينة هي: نزع سلاح المقاومة، وتدمير الأنفاق، ومنع إطلاق الصواريخ، يمكن استنتاج أن إسرائيل فشلت لأن أياً من هذه الأهداف لم يتحقق. الشيء الوحيد الذي نجحت فيه إسرائيل هو تدمير حياة مئات الآلاف من أهل غزة عقاباً لهم على احتضانهم للمقاومة. أما المقاومة فما تزال بخير حسبما بلغنا، ولم ينل الصهاينة إلا يسيراً جداً من قدراتها العسكرية في كافة المجالات.

س. ما السر وراء صمود غزة رغم الحصار المفروض عليها؟

عزام التميمي: صمود غزة يعزى لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها أن شعب غزة شعب مسلم مؤمن، ولديه زاد هائل من القدرة على التحمل بسبب احتسابه عند ربه. ومنها أن الحصار المفروض على القطاع منذ ما يقرب من ثمانية أعوام لم يبق لأهل غزة خياراً سوى الصمود في وجه العدو الذي ما فتئ يقتلهم قتلاً بطيئاً من خلال خنقه لهم. بمعنى آخر يشعر أهل غزة أنه لم يبق لهم الكثير ليخسروه، ولذلك يصرون على فك الحصار وإنهاء نظام العقوبات المفروض عليهم. أما السبب الثالث، فهو اختلال ميزان القوة المعنوية لصالح أهل غزة، الذين لدى أبنائهم وبناتهم إقبال على الموت في سبيل الله وفي سبيل الانعتاق من أغلال الحصار بينما جنود نتنياهو يهربون من الموت تمسكاً بالحياة. وأما السبب الآخر، فهو بلا شك إبداعات المقاومة في شتى وسائل الدفاع والهجوم، وتشمل هذه الإبداعات سلاح الأنفاق والصواريخ المطورة التي فاجأت العدو والصديق على حد سواء.

س. برأيك العدوان كان بالأساس يستهدف حماس أم الشعب الفلسطيني بأكمله؟

عزام التميمي: ما يعلنه الصهاينة وحلفاؤهم في المنطقة يدل على أن حماس هي المستهدفة أساساً. إلا أن استهداف الفصيل الأكبر والأهم في المقاومة هو بلا شك استهداف للشعب وللقضية.

س. الموقف العربي من العدوان، كيف تصفه؟

عزام التميمي: هناك في العالم العربي موقفان، موقف مؤيد للمقاومة متعاطف معها متحرق للانتصار لها. وهو موقف عامة الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج. ومن بين الأنظمة العربية قلة قليلة تجرأت على إعلان هذا الموقف وعلى رأسها قطر وتونس. وأما الموقف الآخر فهو موقف مخزي، يكاد يكون غير مسبوق في تاريخ صراعنا مع العدو الصهيوني، ألا وهو موقف الأنظمة الكارهة للإسلاميين، والتي دفعها حقدها إلى الدخول في تحالف مع الصهاينة ضد المقاومة في غزة. وقد فضح الصهاينة هذه الأنظمة فأعلنوا في وسائل إعلامهم وفي مراسلاتهم أنهم لولا هذا الدعم العربي لما فكروا أصلاً في شن الحرب الأخيرة على قطاع غزة. ويأتي على رأس هذه الأنظمة نظام الانقلابيين في مصر، الذي رغم عداوته لحماس وخنقه لقطاع غزة عبر إغلاق معبر رفح بعد تدمير كافة الأنفاق جلس في موضع الوسيط بين الصهاينة والمقاومة، ومارس كافة الضغوط لإنقاذ الصهاينة من خطر الانصياع لشروط المقاومة مقابل وقف إطلاق النار.

س. وفيما يتعلق بموقف السلطة الفلسطينية من العدوان الإسرائيلي؟

عزام التميمي: موقف السلطة الفلسطينية موقف بائس ومخز أيضاً. في البداية كان الموقف شامتاً، ثم بعد أن ندد بهم الشعب الفلسطيني وفضح أمرهم تحولوا إلى ركوب الموجة، وتمثلوا موقف المقاومة، ودخلوا في وفد المفاوضين. ثم بعد أن توقفت الحرب واحتفل الشعب بما اعتبره نصراً للمقاومة أكل الحقد قلوبهم فراحوا يلمزون ويشهرون وينتقصون. هؤلاء هم بعض صهاينة العرب لا خير فيهم.

س. كيف تقيم أداء الإعلام العربي خلال العدوان على غزة؟

عزام التميمي: الإعلام في بلاد العرب إعلامان، إعلام ممول من قبل الكارهين لنهضة العرب العاملين على إجهاضها بكافة السبل، ودوره في الحرب كما دوره في السلم دور مثبط مضلل. وهناك في المقابل إعلام حر أصيل مقاوم، ما من شك في أنه في حرب غزة مثلته وكانت رائدة له قناتا الجزيرة والأقصى، اللتان كانتا بحق مصدر الحقيقة والإلهام، ومبعث الأمل ورافعة الهمم. كنت طوال الحرب أتساءل"تصوروا لو أن هاتين القناتين لم تكونا موجودتين، من أين لنا أن نعرف ومن أين لنا أن نفهم، ومن أين لنا أن نأمل".

س. برايك ما تداعيات الحرب على مستقبل نتنياهو السياسي؟

عزام التميمي: في الإعلام الإسرائيلي كلام كثير عن نقد يوجه لنتنياهو من بعض الأوساط السياسية الصهيونية، ومطالبات له بأن يعتذر ويعترف بتقصيره بل وبأن يتنحى، إلا أن الرأي العام الإسرائيلي بمجمله كان مؤيداً لنتنياهو في حربه على غزة، ويصعب التكهن بمستقبله السياسي لأن حكومات الصهاينة تتشكل في الأغلب بموجب تحالفات وائتلافات لا علاقة لها بموقف المجتمع الصهيوني من الآخر بقدر ما لها من العلاقات بموقف مكوناته المختلفة من بعضها البعض.

س. بشأن تأثير هذا العدوان على المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية..كيف تصفه؟

عزام التميمي: استبشر كثير من الناس بما كان يعلن عن وحدة وطنية تمثلت في موقف موحد أثناء مفاوضات القاهرة لوقف إطلاق النار. إلا أن تصريحات محمود عباس ما بعد وقف إطلاق النار أصابت هؤلاء بخيبة أمل كبيرة. لم أكن متوقعاً خيراً من فريق أوسلو، ولذلك استغربت ما كان يعلن عن توافق في وجهات النظر ولم أفاجأ بعودة عباس إلى المناكفة واللمز والهمز. ومن أراد أن يستزيد فليقرأ نص المحضر المسرب عن لقاء بين عباس ومشعل تم في قطر بحضور أميرها.

س. نتنياهو نعت قطر وتركيا بدعم الإرهاب..كيف تعقب؟

عزام التميمي: كل من يدعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة يعتبره نتنياهو إرهابياً، ومن ينعتهم نتنياهو بالإرهاب فطوبى لهم.

س. ما ررؤيتك لمستقبل حماس السياسي؟

عزام التميمي: المستقبل علمه عند ربي. ما يمكن أن أقوله إن ما أبلته كتائب القسام من مقاومة ومن صمود رفع أسهم حماس في كل مكان، داخل فلسطين وخارجها. وطالما ظلت حماس على العهد فإنها إلى خير بإذن الله.

س. هل تعتقد أن الفلسطينيين نجحوا في تشكيل رأي عالمي للتذكير بقضيتهم بعد أن تناست بفعل الصراعات العربي العربية؟

عزام التميمي: قضية فلسطين تحوز باستمرار على اهتمام واسع لدى الرأي العام العالمي، وقد شهدت الحرب الأخيرة صحوة عالمية، من أهم معالمها انكشاف المشروع الصهيوني أمام كثير ممن كانوا يتعاطفون معه بسبب عقدة الذنب تجاه الهولوكوست (المحرقة). أيقن كثير من الناس حول العالم أن ممارسات الصهاينة ضد الفلسطينيين لا تقل وحشية عن ممارسات النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية. على الفلسطينيين وأنصار القضية من العرب والمسلمين ومحبي العدل والسلام استثمار هذه الصحوة، والمضي قدماً في تعزيز القناعة لدى الرأي العام العالمي بأن الصهاينة هم المعتدون، وكذلك المضي قدماً في رفع قضايا ضد مجرمي الحرب الصهاينة حيث تسنى ذلك لهم.

س. لماذا يلعب نتنياهو على وتر ربط حماس بداعش ونعت المقاومة بالإرهاب؟

عزام التميمي: نتنياهو يائس بائس، يريد بكل الوسائل تبرير جرائمه وإقناع الرأي العام العالمي أنه إنما يحارب الإرهاب. ونظراً لما تشكل في وسائل الإعلام من صورة بشعة ومروعة لداعش وما ينسب إليها من ممارسات، لعله وجد من المناسب له أن يضع حماس وداعش في خانة واحدة. ولا أظن نتنياهو بذلك قادراً على إقناع كثير من الناس بما ادعاه. فحركة حماس تاريخها معروف، وهي حركة مقاومة تدفع عن شعبها الاحتلال والحصار، ولا تعادى إلا من اعتدى على الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، وتلتزم بأخلاقيات الإسلام والقوانين الإنسانية في إدارتها للمعركة مع العدو.

س. ما الذي يحتاجه الفلسطينيون في هذه المرحلة؟

عزام التميمي: يحتاج الفلسطينيون أولاً وقبل كل شيء إلى أن يلطف الله بهم وأن يجعل لهم من بعد كرب فرجاً ومن بعد عسر يسراً وأن يتم عليهم نصره، وأن يمدهم بجنوده التي لا يعلمها إلا هو. ثم بعد ذلك يحتاجون إلى أن يستلهموا من جولات الحروب الأخيرة أن الصهاينة لا أمل في التفاهم أو التعايش معهم، لأنهم يعتبرون مجرد وجود الفلسطيني تهديداً وجودياً لهم، بمعنى آخر يحتاجون لأن يعودوا إلى حقيقة أصل الصراع، ليعدوا أنفسهم لمعركة طويلة جولاتها سيتقارب الزمان فيما بينها وستزداد شراسة الواحدة بعد الأخرى. ويحتاجون لأن يلفظوا مسار أوسلو، ويستثمروا ثباتهم وصمودهم الأخير في التوحد خلف راية المقاومة، التي لا يجوز أن ترفع إلى جوارها راية. وأخيراً يحتاجون إلى صحوة عربية، تجدد الربيع العربي، وتسقط أنظمة الهوان والذل التي تواطأت مع العدو الصهيوني على أهلنا في غزة وعلى مقاومتنا الشريفة. ما من شك لدي في أن بإمكان أهلنا في الضفة والقطاع الثبات والصمود إلى ما لا نهاية، فذلك قدرهم، وهم يحتسبون ذلك عند الله، لكن تحرير فلسطين ودحر الصهاينة واستنقاذ بيت المقدس لن يتيسر طالما كان في الجوار صهاينة عرب يطعنوننا في الظهر ويعينون المحتل المعتدي علينا.

س. كيف ترى مستقبل إسرائيل؟


عزام التميمي: مستقبل إسرائيل كمستقبل كل مشروع استعماري استيطاني سبقه: إلى زوال بإذن الله. ولو أن الصهاينة لديهم بعد نظر وبعض حكمة لبدأوا بشد الرحال والعودة إلى الأماكن التي جاءوا منها. ويوم يقررون ذلك، فسوف نساعدهم ونيسر لهم السبل، مقتدين في ذلك بسنة صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.